أخر الاخبار

ماهو عمق الميدان depth of field في التصوير الفوتوغرافي ؟


عمق الميدان Depth of Field في التصوير الفوتوغرافي، يعتبر من بين أهم الجوانب التي تُلفت انتباهنا عندما نبدأ تعلم أساسيات التصوير. خصوصا كيفية التلاعب به للإجابة على بعض الأسئلة التي تشغل بالنا. من قبيل:

كيف يمكننا الحصول على خلفية معزولة في الصور التي نلتقطها؟

  • ماهي العوامل المتحكمة في ذلك؟ 
  • لماذا في بعض الأحيان، رغم كل المحاولات التي نقوم بها، إلا أننا لا نحصل على مبتغانا؟
  • ما الذي يتوجب علي القيام به كمصور فوتوغرافي لتحقيق ذلك

ملاحظة:

في هذا المقال سنستخدم كلمة تركيز عوض الفوكس Focus. 

لو كنت قد طرحت على نفسك في يوم من الأيام أي سؤال من بين الأسئلة في القائمة السابقة، ابقى معي واقرأ هذا المقال حتى آخره كي تتعلم كيف تجيب عليها. سوف أحاول أن أبسط لك كل التفاصيل إلى أقصى الحدود. كي يتسنى لك تعلم كيفية التلاعب بعمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي للحصول على صور مثالية.

هل يمكنك أن تخبرني ماذا يقصد بعمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي؟

لا شك أنك تجيبني إجابة صحيحة، إن سألتك عن الصورة أسفله. هل عمق الميدان فيها كبير أم صغير؟



صورة بعمق ميدان صغير

فل نضيف بعض الصعوبة للأمر. ماذا لو طلبت منك أن تقارن الصورة السابقة بالصورة التي سأضعها في الأسفل، أي واحدة منهما نجد فيها عمق ميدان أكبر من الأخرى؟ ماذا سيكون جوابك؟


نفس عمق ميدان الصورة السابقة

ماذا لو قلت لك أن عمق الميدان في الصورتين معا هو نفسه، هل تصدقني. الصورتين معا، تم التقاطهما بنفس القيم، ماعدا شيء واحد فقط من تغير. إنها المسافة الفاصلة بين العناصر الثانوية والعنصر الأساسي في كل صورة هي من تغيرت. يعني، فلن نتحدث عن العنصر الأساسي (القطعة المربعة) في الصورة الذي يظهر مركز بشكل كامل، وهو الهدف الذي تم التركيز عليه. عمق الميدان في الصورتين هو نفسه، رغم أنه في الأولى تظهر قطعة واحدة فقط وهي الأساسية مركزة حيث أنها النقطة التي ركزنا عليها، بينما في الصورة الثانية تظهر جميع القطع مركزة. الشيء الذي قمنا به، هو إزاحة عنصرين من منظقة التركيز في الصورة الأولى، أي تم إخراجهما من منطقة عمق الميدان في التصوير.

هذا يجعلنا نفكر بأن عمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي ليس موضوعيا كما يمكن أن يعتقد البعض. لا يعني أبدا أننا نحصل على عمق ميدان أكبر عندما تكون كل عناصر الصورة واضحة ومركز عليها. ليس مفهوما يمكن كبحه، لأنه مرتبط بعدة عوامل مختلفة، رغم ذلك ليس بالأمر الصعب، بل هو سهل للغاية، للتأثير على النتيجة النهائية في الصورة الفوتوغرافية.

ماهو عمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي؟

عمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي هو مورد تكوين ممتاز. هذا ما سنتناوله في هذا المقال. التلاعب بعمق الميدان يمنحنا قوة توجيه نظرة المشاهد إلى جزء معين من أجزاء الصورة، أو إلى جملة من العناصر والأهداف التي نريد التعبير عنها في المشهد.

حسنا، هل تعرف لماذا يستخدم عمق الميدان في التصوير؟ لكن ماهو عمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي بالضبط؟ يفهم منه ذلك الجانب من الصورة التي نقدره حاد أو مركز عليه. يعني عندما تلقي نظرة على صورة معينة، يمكنك التمييز فيها بين مناطق أكثر حدة أو وضوحا، بينما أخرى تظهر مضببة أو مشوشة. عمق الميدان يمثل الجانب أكثر حدة في الصورة. أي المنطقة المتواجدة خلف أو أمام الهدف، العنصر الأكثر حدة والذي يمكن للعين البشرية أن تميزه بوضوح مقبول. 



لو كنا أكثر صرامة، وقمنا بالتركيز بنسبة 100% سنحصل على مستوى واحد فقط، يعني أنه الجانب الذي سيترجم إلى نقطة واقعية للعين البشرية، أما الباقي سيكون مشوش. رغم أن نسبة هذا التشويش ستكون ضعيفة بين كل العناصر القريبة من المستوى الذي تم اختياره مسبقا. مما يجعل عيننا تتلقاها وكأنها واضحة. كلما ابتعدنا أكثر عن ذلك المستوى إلا كان التشويش ظاهرا أكثر.

هكذا هو الأمر، المنطقة التي تعتبر فيها العين البشرية أن العناصر التي لها درجة أكبر من الحدة والوضوح، هي ما نطلق عليها عمق الميدان في الصورة.

وقفة مع عمق الميدان في التصوير

يشار على أن نطاق الحدة الذي يعبر عنه بعمق الميدان، مقدار المسافة المركزة هو 1/3 أمام نقطة التركيز و 2/3 خلفها. لكن ما يتوجب عليك معرفته هو أن عمق الميدان ليس بالضرورة أن يوافق أكبر أو أقل عدد من العناصر الواضحة الظاهرة في التأطير. يجب ألا تخلط بين الأمور، لأن ذلك لا يعتبر عمق الميدان.

ماهي العوامل المتحكمة في عمق الميدان؟ 

الآن بعدما تعرفت أكثر عن مفهوم عمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي الرقمي، فل نتعرف أكثر عن العوامل المتحكمة بنسب أكبر أو أقل في عمق الميدان الذي تحتويه الصورة. 

فتحة العدسة: قيمة الرقم f


تأثير فتحة العدسة على عمق الميدان

أول العوامل التي تؤثر على عمق الميدان هي فتحة العدسة. كلما كانت فتحة العدسة أكثر اتساعا، يعني كلما كانت قيمة الرقم f صغيرة يكون عمق الميدان في الصورة أصغر. الشيء الذي يعني أن أغلب العناصر التي تحتويها تكون مشوشة. 

العكس بالعكس، كلما كانت فتحة أقل اتساعا، أي أن كلما كانت قيمة الرقم f كبيرة، يكون عمق الميدان في الصورة أكبر، يعني أن أغلب عناصر الصورة تكون بوضوح مقبول بالنسبة للعين البشرية.

لهذا، عندما نستخدم فتحة عدسة صغيرة مثل F16، نحصل على حدة أكبر في الصورة أي جميع العناصر مركزة. عكس ذلك اتخدام فتحة واسعة مثل F1.8 ستمكننا من التركيز على جزء معين فقط من المشهد والباقي سيظهر معزول عن التركيز.

كما نلاحظ في المثال، الصورة الأولى تم التقاطها بفتحة عدسة صغيرة، لهذا تظهر منطقة الحدة جد ملموسة. كلما حاولنا أن نغلق أكثر فتحة العدسة، إلا ولاحظنا أن العناصر المتمركزة خلف نقطة التركيز تكون أكثر حدة. في المثال الأخير، فتحة العدسة F4 أي انها أوسع من الأولى وبالتالي عمق الميدان أصغر. 

قيمة الرقم f هو العنصر الذي يستخدم في التصوير الفوتوغرافي للتعبير عن ما مدى اتساع فتحة العدسة. 

مسافة منطقة التركيز:

تعتبر المسافة الموجودة بين الكاميرا ومنطقة التركيز هي المتغير الثاني من المتغيرات التي تتحكم في عمق الميدان.

لو كان موضع العنصر أو الهدف الذي نود تصويره قريب من الكاميرا، نحصل على عمق ميدان أصغر. بينما لو كان ذلك العنصر أو الهدف بعيد عن مكان الكاميرا، في هذه الحالة نحصل على عمق ميدان أكبر. 

لو أردت أن تتعمق أكثر في معرفة كيفية عمل هذا التأثير، نعرض عليك بعض الصور أسفله التي تم فيما الحفاظ على نفس قيمة التكوين والبعد البؤري. عمق الميدان بدأ يتغير كلما قمنا بازاحة الهدف الذي قررنا تصويره. 

ماذا يعني هذا؟ حسنا، لو قررنا التقاط صورة عنصر أو هدف ما و بنفس قيم فتحة العدسة التي تم اختيارها مسبقا. كلما كان موضعنا أقرب من العنصر إلا وقد حصلنا على عمق ميدان أقل. والعكس بالعكس، كلما ابتعدنا أكثر من الهدف المراد تصويره إلا وكان عمق الميدان أكبر.

حسب الهدف الذي كان أقرب من الخلفية وبكل تأكيد أكثر بعدا من الكاميرا، كان عمق الميدان كبير. بينما عندما حاولنا تقريب الهدف من الكاميرا، بدأ عمق الميدان يتناقص.

مثال مبسط، في تصوير البورتريه كلما كان الشخص المراد تصوير بيعد على الكاميرا وقريب من الخلفية سيظهر الشخص والخلفية مركزين بشكل اكبر، أما ان كان الشخص قريب من الكاميرا وبعيد عن الخلفية، فالشخص سيظهر بشكل مركزة والخلفية معزولة.

البعد البؤري للعدسة:

في الأخير، البعد البؤري أو المسافة البؤرية للعدسة المركبة على الكاميرا، لها تأثير مباشر أيضا على التحكم في صغر أو كبر عمق الميدان الذي نحصل عليه في صورنا. 

عندما استخدامنا عدسة ذات بعد بؤري واسع مثل العدسة المقربة (85mm, 200mm, 300mm, …) لو قمنا بتفعيل خاصية التقريب أو الزووم الخاصة بعدستنا، الصورة الملتقطة سيكون فيها عمق الميدان أقل. بينما لو قمنا بالاعتماد على بعد بؤري قصير (10mm, 16mm, 20mm, …) بهذه الطريقة نكون قد ألغينا خاصية الزووم وبالتالي الحصول على صورة فوتوغرافية ذات عمق ميدان أكبر.
ببساطة العدسات المقربة البعد البؤري فيها صغير. أما العدسات الواسعة مثل عدسات عين السمك، البعد البؤري فيها كبير.

تأثير البعد البؤري على عمق الميدان


حجم مستشعر الكاميرا الرقمية ودائرة الارتباط

الى هنا ربما تكون قد عرفت الآن كل العوامل والمتغيرات التي تتحكم في عمق الميدان. حسنا، أعتقد أنه هناك بعض الأمور الأخرى التي وجب عليك معرفتها قبل خوض غمار الدخول إلى روائع عالم عمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي الرقمي. في الحقيقة ليست المتغيرات الثلاثة السابقة هي المسؤولة وحدها على التحكم في قيم عمق الميدان الذي نحصل عليه في صورنا، بل يعتبر حجم مستشعر الكاميرا الخاصة بك وحجم دائرة الارتباك أو الخلط من الأمور التي لابد أن نأخذها بعين الاعتبار. 

في الواقع المتغيرات الثلاثة السابقة تكلمنا عنها بتفصيل، لأنه بامكانك التحكم بها وتغييرها متى أردت ذلك، لكن حجم المستشعر ودائرة الارتباك لا تتغير في الكاميرا التي بين يديك. دعنا نشرح لك ذلك أكثر.

مجال الحدة الذي سنحصل عليه في صورنا، المنطقة التي نقدر بأنها مقبولة الحدة والتي نطلق عليها عمق الميدان، هي بالفعل تتحقق من خلال مجموعة من المتغيرات. 

هل هناك فرق في استعراض الصور على شاشة الحاسوب والهاتف الذكي؟

لا أود أن تضيع بين كل هذه المصطلحات، لهذا سأحاول أن أبسط الأمر أكثر. هناك فرق شاسع بين استعراض صورة على شاشة حاسوب مكتبي بحوالي 24  بوصة و شاشة الهاتف الذكي التي لا تكاد تتجاوز 5  بوصات. حيث أننا عندما نستعرض هذه الصورة على شاشة الهاتف يتبين لنا وكأنها تحتوي على الكثير من العناصر الواضحة رغم صغر حجم الشاشة. على عكس ذلك، لو ما قمنا باستعراض نفس الصورة على شاشة الحاسوب، منطقيا الصورة ستكون كبيرة، في هذه الحالة سنتأكد بأنه فعلا توجد العديد من العناصر في الصورة غير واضحة كما كنا نعتقد.

لا شك أنك في بعض الأحيان، قمت بالتقاط صورة ما وظهر لك حينها بأنها واضحة تماما، لكن المفاجأة، أثناء عودتك للبيت واستعراضها على شاشة الحاسوب، اتضح لك بأنها مشوشة ولم تصل إلى درجة الحدة التي كنت قد تصورتها آنفا. يحدث هذا بسبب صغر حجم شاشة العرض في الكاميرا أو الهاتف الذكي، لذلك فنحن نمر بسرعة على الأخطاء الصغيرة. كما أن معيار عمق الميدان الخاص بنا، أي منطقة الحدة أو الوضوح المقبولة، تكون ذات نطاق واسع على عكس شاشة الحاسوب. 


هذا واحد من أبرز الأمثل التي يمكن أن تجعل دائرة الارتباك تتغير، مما يؤثر ذلك بشكل مباشرة على عمق الميدان. كما أن المسافة التي من خلالها نعاين الصورة لها تأثيرها كذلك، الحدة البصرة التي نعاين بها اللقطة، حجم الطباعة وبكل تأكيد حجم مستشعر الكاميرا التي نستخدمها في التقاط الصورة.

كيف يؤثر حجم مستشعر الكاميرا على عمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي؟

حجم المستشعر يؤثر على صغر أو كبر عمق الميدان في الصورة، بحيث أنه كلما كان حجم المستشعر كبير وإلا وحصلنا على عمق ميدان أقل. أما لو كان حجم المستشعر صغيرا يكون حينها عمق الميدان أكبر. هذا ما يمكن فهمه من خلال المقارنة بين كاميرا الهاتف الذكي أوكاميرات الاكشن، مثل Gopro، حجم المستشعر فيها يكون صغير، لذلك يظهر لنا وكأن كل عناصر الصورة ذات حدة عالية. أما كاميرات الريفلكس ذات الإطار الكامل، عمق الميدان بنفس القيم السابقة سيكون أصغر.

لهذا عندما تقع عينيك على صورة بورتريه مثالية ذات عزل مميز ملتقطة بواسطة كاميرا ريفلكس، وتفكر بالحصول عليها من خلال استخدام هاتفك الذكي، ما عليك معرفته هو أنه من الصعب جدا الوصول إلى تلك النتيجة بسبب الاختلاف الكبير في حجم مستشعر الكاميرا المستخدمة في كل حالة، لذلك أغلب الشركات المصنعة للهواتف اضافة خاصية العزل على هواتفها، لكنه عزل مزية يتم من خلال خوارزميات وبرمجيات داخل معالج الهاتف تقوم بتطبيق تأثير العزل على الصورة كما ولو قمت أنت بأخذ صورة وتبقت عليها تأثير العزل ببرنامج الفوتوشوب.

خلاصة:

هل أنت مرهق؟ هذا لم يكن من بين المقالات المشوقة التي اعتدت على قراءتها على مدونة فيلينس سابقا. صدقني الهدف من هذا المقال الطويل، هو توجيهك نحو معرفة المعنى الحقيقي لعمق الميدان وفهمه بكل تفاصيله. مفهوم عمق الميدان في التصوير الفوتوغرافي يعتبر من بين الأساسيات التي يتوجب على كل مصور فوتوغرافي الالمام بها كي يتسنى له الحصول على نتائج فوتوغرافية راقية.

أتمنى أن تكون قد تبددت بعض الشكوك التي كانت لديك حول هذا المفهوم. وصولك حقا إلى هذه الفقرة في آخر المقال يدل على أنك مهتم بأدق التفاصيل في صورك وتسعى لأن تكون لديك نظرة خاصة بك لهذا العالم المتجدد. أعتقد أنه حان الوقت لتطبق ما تعلمته من خلال هذا المقال، هيا قم بذلك. تشجع إنك قادر على فعله. 




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-